مدونات

الصبية والذكاء..!!

بِقلم خالد بركات

✍️..صدى الكلمات..

الإيمان والذكاء والنقاء والأدب

من أجمل وأرقى صفات الإنسان..

يُروى أن الحجاج بن يوسف الثقفي فرض حظر
التجوال بعد مغيب الشمس فأمر مسؤؤل الشرطة بأن يطوف في الطريق فإذا رأى أحداً يقطع رأسه، وإذ أن بعض الحراس وجدوا ثلاثة صبيان يلعبون فأمـسكوهم وذهبوا بهم للسجن..

عـَلِمَ مسؤول الشرطة بذلك الأمر وقرر أن يعرف من هُم قبل أن ينفذ حُكم الأمير سـأل صاحب الشرطة الأولاد عن آبائهم..؟؟

فأجـاب الأول : أنا ابن من دانت الرقـاب لـه….
ما بـين مخزومها وهـاشِمـها، تـأتـيه بالرغـم منها
وهي صـاغرة، يأخذ مـن مـالهـا ومن دمها..

فخُيل لمسؤول الشرطة أنه إبن حاكم كبير من
الحكام أو من أقارب الأمير، فأذن له بالإنصراف..

وسأل الثاني السؤال نفسه فأجاب: أنا ابن الذي
لا ينزل الدهر، وإذا نزلت يوما فسوف تعود ترى
الناس أفواجا إلى ضوء، فمنهم قيام حوله وقعود

فـظن صاحب الشرطة أنه إبـن واحد مـن أشراف المدينة وأكابر القوم، فأذن له بالإنصـراف..

فسـأل الولـد الثـالث السؤال ذاته فأجـاب :
أنـا ابن الذي خـاض الصفوف بعـزمه، وقـومـها بالـسيف حتى إستـقلت، ركـابـاه لا تـنـفك رجلاه مـنهـــمــا، إذا الخــيل في يـوم الكـريهـة ولـت..

فخُـيل لـه أن هـذا الولـد إبـن فـارس عظيم
لا يشق له غبار فأذن لـه بالإنـصراف..

فـي صـباح اليـوم التـالي سأل الحجاج صاحب شرطته : هـل قطعت رقاب الذين خـالفـوني..؟؟

فقال :لا، فالمخالفين هم ثلاثة أفرجت عنهم
بعد أن تبين أنهم من أبناء الأشراف فأطلقتهم..
فسألـه الحجاج : وكيف ذلك..؟؟!!
فقال مأمور الشرطة : لقد سألتهم، لكن أجابوني شعراً وحكى له ما قال الأولاد..

فضحك الحجاج حتى إستلقى على قفاه وقـال : أما الأول فهو ابن حجام (المشتغل بالحجامة فكل من يأتيه يطأطئ عنقه فيسحب من دمه)..

وأما الثاني فهو ابن فوال ( والقدر هنا قدر الفول اي لا تنزل عن النار واذا نزلت يعيدها )..

وأما الثـالث فهو ابـن خـياط ( أو حائك والركاب للنول والصفوف القماش والسيف الابرة )..

ثم جمع الحجاج الناس وروى لهم ما جرى وقال:
احببت ذكاء أولادكم، لكن علموهم الأدب فوالله لـولا فصـاحتهم لقُطعت أعـناقهـم ثـم أنشد..

العلم والأدب هما كنز من الكنوز..
يزيدان الشريف شرفاً..
ويرفعان المملوك لدرجة الملوك..
وتبقى العبرة..
نعم..كن إبن مـن شـئت واكتسب أدباً يغـنيك مـحموده عن النسب، مع الفخر بالأباء وفضلهم وتبقى بكل فخر تحمل شرف الإسم واللقب..
الجمال والفخر حين الفتى يقـول : هـا أنـا ذا..
وهكذا تعلمت من أبي، والأجمل حين يقول : سأضيف عن ما تعلمته، وعن ما كان به أبي..
وهكذا يحبني الله ويحبني ويفتخر بيّ أبي..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى