صحة وبيئة

تقنيات التعديل الجيني لعلاج ألزهايمر

«كريسبر» توظف للتخلص من أمراض الدم

يستكشف الباحثون إمكانات تقنية تحرير الجينات لعلاج أشكال مرض ألزهايمر الناجم عن الطفرات الجينية.

ووفقا لنتائج دراسة نشرت في مجلة «نيتشر» في 11 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، تم الإبلاغ عن نهجين علاجيين جديدين يعتمدان على تقنية كريسبر CRISPR لعلاج مرض ألزهايمر في المؤتمر الدولي لجمعية ألزهايمر في أمستردام.

ويهدف أحد النهجين إلى الحد من تأثير أقوى جين معروف يسبب خطر الإصابة بمرض ألزهايمر وهو الجين، APOE-e4، بينما يسعى العلاج الآخر إلى تقليل إنتاج البروتين السام في الدماغ المعروف باسم بيتا أميلويد، وهو السمة المميزة لمرض ألزهايمر وأهم هدف للعلاجات المعتمدة مؤخراً.

وفي حين لا تزال هذه الدراسات في مراحلها الأولى، فإنها توفر الأمل للمصابين بمرض ألزهايمر والخرف، إذ إن تحرير (قص) الجينات باستخدام نظام التكرارات المتناوبة القصيرة والمتباعدة بانتظام والمعروف باسم كريسبر، يظهر بوصفه من أقوى الأدوات في البحث عن أدوية جديدة واعدة.

أداة واعدة
مرض ألزهايمر هو الشكل الأكثر شيوعا للخرف وهو مشكلة صحية تثير قلقاً عالمياً حيث يعاني أكثر من 55 مليون شخص من الخرف. ومن المتوقع أن يتضاعف هذا الرقم ثلاث مرات تقريبا بحلول عام 2050. وتعتمد معظم الأبحاث المتعلقة بمرض ألزهايمر على فرضية الأميلويد، وهي فكرة مفادها أن تراكم بروتينات «أميلويد بيتا» في الدماغ التي تشكل في النهاية كتلاً تسمى اللويحات، هو السبب الرئيسي للمرض. إذ تحفز لويحات الأميلويد بروتيناً آخر في الدماغ يُسمى «تاو» على التكتل معا والانتشار داخل الخلايا العصبية.

وعادةً ما تبدأ الأعراض مثل فقدان الذاكرة في الظهور خلال هذه العملية وكلما زاد عدد «تاو» زادت شدة الأعراض. أما أدوية الأجسام المضادة فعادة ما تستهدف الأميلويد. وقد ثبت في التجارب السريرية أنها تبطئ مسار التدهور المعرفي لدى بعض الأشخاص. وقد تمت الموافقة على عقارين من قبل إدارة الغذاء والدواء الأمريكية ولكن لا تزال هناك مخاوف بشأن سلامتهما وفاعليتهما.

علاجات بديلة
يقول المؤلف المشارك في الدراسة مارتن إنجلسون كبير العلماء في معهد أبحاث كريمبيل وطبيب في مستشفى تورونتو شبكة الصحة الجامعية الذي يدرس آليات السمية العصبية في جامعة تورونتو في كندا، إنه يمكن لتحرير الجينات بتقنية كريسبر أن يفتح الباب أمام علاجات بديلة في الحالات التي يرتبط فيها المرض بمتغيرات جينية معينة.

وأضاف أن أحد الجينات التي تم ربطها بمرض ألزهايمر المتأخر هو صميم البروتين الشحمي E (APOE) الذي يرمز لبروتين نقل الدهون في الدماغ والذي يبدو أنه يؤثر على امتصاص الخلايا العصبية لبروتين «تاو»، وأن الأشخاص الذين لديهم متغير من الجين المسمى APOE4 هم الأكثر عرضة لخطر الإصابة بمرض ألزهايمر، في حين أن أولئك الذين لديهم متغيرات APOE3 وAPOE2 معرضون لخطر متوسط ومنخفض على التوالي. أما وجود نسخة واحدة من APOE4 فيزيد من خطر إصابة الشخص بمرض ألزهايمر ثلاثة أضعاف، ووجود نسختين يزيد من خطر الإصابة اثني عشر ضعفا.

علاج «كريسبر» للأمراض
وعلى الصعيد نفسه وافقت الجهات الصحية في المملكة المتحدة حديثا على عمليات تعطيل أحد الجينات كوسيلة لعلاج اضطراب الدم الوراثي الذي يسمى مرض الخلايا المنجلية. وهذه هي الموافقة الأولى على الإطلاق على العلاج الجيني الذي يستخدم أداة تحرير الجينات كريسبر – كاس 9 CRISPR-Cas9 وهو علاج لأمراض الدم مثل مرض فقر الدم المنجلي ومرض الثلاسيميا بيتا، الذي يعمل عن طريق قطع الجين المعيب بدقة في الخلايا الجذعية البشرية.

وقام كيث جوتيسدينر الرئيس التنفيذي لشركة Prime Medicine وهي شركة أميركية مقرها في كمبريدج ماساتشوستس الولايات المتحدة، حسب المقالة المنشورة في مجلة نيتشر في 7 ديسمبر (كانون الأول) الحالي 2023، باستخدام أداة تحرير الجينات لعلاج مرض فقر الدم المنجلي والثلاسيميا بيتا الذي ينتج عن أخطاء جينية تؤثر على إنتاج الهيموغلوبين، إذ يسبب الهيموغلوبين غير الطبيعي في مرض الخلايا المنجلية خلايا دم مشوهة ولزجة مما يؤدي إلى جلطات تقلل من إمدادات الأكسجين وهو ما يسبب أزمات الألم. وعادة ما يؤدي مرض الثلاسيميا بيتا إلى انخفاض مستويات الهيموغلوبين والتعب وعدم انتظام ضربات القلب حيث يتم إعطاء دواء Casgevy عن طريق تحرير الجينات التي تشفر الهيموغلوبين في الخلايا الجذعية المنتجة للدم المستخرجة من نخاع عظم المريض باستخدام تقنية كريسبر-كاس9، حيث يؤدي تحرير الجينات إلى تعطيل جين BCL11A مما يعزز إنتاج الهيموغلوبين الجنيني دون تشوهات.

ثم يخضع المرضى لعلاج تحضيري قبل تلقي الخلايا المعدلة التي بمجرد تناولها تخفف الأعراض عن طريق تعزيز إمدادات الأوكسجين إلى الأنسجة وقد تتطلب العملية الإقامة في المستشفى لمدة شهر حتى تستقر الخلايا المعدلة في نخاع العظم وتنتج الهيموغلوبين المستقر.

تحرير القاعدة
تقنية التحرير الأساسي هو أسلوب متقدم لتحرير الجينوم يسمح بتصحيح الطفرات المسببة للتليف الكيسي وهي حالة تؤثر على الرئتين والجهاز الهضمي.

وهي على عكس تقنية كريسبر-كاس9 الكلاسيكية، إذ يمكن لتحرير القواعد تغيير أحرف الحامض النووي الفردية دون قطع شريطي الحامض النووي في الموقع المستهد، ويستخدم إنزيم كاس9 لتوجيه الإنزيمات الأخرى لتغييرات معينة في قاعدة الحامض النووي مثل تحويل الأحرف A إلى G أو C إلىT.

وقام الباحثون على مدار سبع سنوات بتحسين تحرير القاعدة لتقليل تغييرات الحامض النووي غير المرغوب فيها وتقليل حجم المكون لتسهيل توصيل الخلايا. وهناك علاجات تحرير القاعدة في تجارب سريرية مبكرة لحالات مثل ارتفاع نسبة الكوليسترول وسرطان الدم تظهر دقة ملحوظة ولكن مع قيود، إذ يمكنها فقط تعديل تسلسلات معينة من الحامض النووي ولا يمكنها إدخال قطع الحامض النووي في الجينوم.

وفا جاسم الرجب-لندن

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى