عالمي

إحتمالات لرفع أسعار الفائدة في ظل إنخفاض التضخم.. ما هي؟

من المتوقع أن يقرر الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي) الأميركي في اجتماعه نهاية هذا الشهر العودة مجدداً إلى رفع سعر الفائدة بعد أن توقف عن رفعها المستمر في اجتماعه الأخير في يونيو (حزيران) الماضي

يكاد يجمع المحللون على أن البنك المركزي الأميركي سيرفع سعر الفائدة بربع نقطة مئوية (0.25 في المئة) لتصبح في نطاق 5.25 و5.5 في المئة، ويقدر تقرير تحليلي لمؤسسة “ستاندرد أند بورز” أن يكون ذلك الرفع الأخير لسعر الفائدة في الولايات المتحدة

لكن من غير المتوقع أيضاً أن يبدأ “الاحتياطي الفيدرالي” عكس سياسة التشديد النقدي، أي البدء في التيسير (خفض سعر الفائدة وضخ السيولة في السوق) قبل فترة ربما تمتد إلى العام المقبل

ورصد تقرير المؤسسة عدة عوامل تجعل من شبه المؤكد أن يرفع “الاحتياطي الفيدرالي” سعر الفائدة في اجتماع لجنة السوق المفتوحة يومي 27 و28 يوليو (تموز) الحالي

تشير البيانات والأرقام الرسمية الأميركية الصادرة عن أداء قطاعات الاقتصاد المختلفة لشهر يونيو الماضي إلى أداء جيد لأكبر اقتصاد في العالم، ما جعل مؤسسة “ستاندرد أند بورز” تبقي على تقديراتها لنمو الناتج المحلي الإجمالي الأميركي للربع الثاني من هذا العام (الأشهر الثلاثة الماضية)

وبحسب تقديراتها وأيضاً متوسط مؤشر “ناو كاست” للاحتياطي الفيدرالي لولاية أتلانتا، يتوقع أن ينمو الاقتصاد الأميركي في الربع الثاني بنسبة ما بين 1.7 و1.9 في المئة

التضخم والأجور

من المؤشرات المهمة الصادرة هذا الشهر حول أداء يونيو الماضي، وضع السوق العقارية الذي يشهد تحسناً في مبيعات البيوت وعقد الصفقات العقارية وكذلك زيادة الطلبيات على السلع الاستثمارية والمعمرة وانتعاش مبيعات السيارات

وبحسب مؤشر “آي أس أم” لقطاع الخدمات، فهناك تحسن واضح في معدل الطلبيات الجديدة والتوظيف والنشاط بشكل عام في القطاع

ربما كان المؤشر الأهم هو معدل التضخم الذي وصل في يونيو الماضي إلى نسبة ثلاثة في المئة لمؤشر أسعار المستهلكين، وذلك بعد أن وصلت معدلات التضخم في الولايات المتحدة ذروتها في يونيو من العام الماضي 2022 حين بلغت نسبة 9.1 في المئة، إلا أن مؤشر التضخم الأساسي، الذي يستثني أسعار الطاقة والغذاء، ظل مرتفعاً فوق ضعف المستهدف من قبل “الاحتياطي الفيدرالي” إذ سجل الشهر الماضي نسبة 4.8 في المئة

وهناك مؤشر آخر يفضله رئيس “الاحتياطي” جيروم باول ويستثني من المؤشر الأساسي أيضاً، كلفة السكن، فيظل مرتفعاً أيضاً عند نسبة أربعة في المئة بمعدل سنوي بحسب ما ذكرته وكالة “بلومبيرغ”، الذي كان في المتوسط عند نسبة 2.3 في المئة في العامين السابقين على أزمة وباء كورونا

اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ومع أن مؤشر التضخم الأكثر اعتماداً لدى “الاحتياطي الفيدرالي” يظل مرتفعاً، ما يبرر قناعة السوق بأنه سيرفع الفائدة مجدداً هذا الشهر ربما للمرة الأخيرة، إلا أن ما سيشجع البنك المركزي على قراره هو وضع سوق العمل الذي يأخذه أعضاء لجنة السوق المفتوحة في الاعتبار بقوة عند تحديد قرار الفائدة

ومن مؤشرات سوق العمل التي صدرت نهاية الأسبوع الزيادة الواضحة في نمو الأجور ليصل إلى نسبة 3.5 في المئة، في مقابل نمو الإنتاجية للعامل الأميركي بنسبة 1.5 في المئة

ومن شأن ارتفاع الأجور أن يزيد الضغوط التضخمية، ما يجعل “الاحتياطي الفيدرالي” مضطراً للتحوط لذلك برفع طفيف لسعر الفائدة هذا الشهر

هناك شبه إجماع على أن البنك المركزي لن يبدأ التيسير النقدي مبكراً كما كان متوقعاً، حتى مع استمرار انخفاض معدلات التضخم وهو الهدف الأساسي من وراء تشديد السياسة النقدية، فمسؤولو “الاحتياطي الفيدرالي” يدركون أي تخفيض لسعر الفائدة في الأشهر المقبلة يمكن أن يؤدي إلى عودة معدلات التضخم للارتفاع ويمحو أثر أكثر من عام من رفع سعر الفائدة من قرب الصفر إلى أكثر من خمسة في المئة

سوق العمل

يفصل تقرير مؤسسة “ستاندرد أند بورز” وضع سوق العمل الأميركية، الذي يعد من أهم العوامل التي يأخذها الاحتياطي الفيدرالي في الاعتبار، بجانب العوامل والمؤشرات الاقتصادية الأخرى، وهو يحدد السياسة النقدية وسعر الفائدة الأميركية

ومع الأخذ في الاعتبار أن معدل البطالة في الولايات المتحدة الآن هو عند أدنى مستوى له في 50 عاماً عند نسبة 3.6 في المئة، يلاحظ من أرقام التوظيف الشهرية أن سوق العمل تشهد تباطؤاً يجعله في وضع أكثر استدامة

أضاف الاقتصاد الأميركي 209 آلاف وظيفة في يونيو الماضي، وهو ما يقل عن متوسط المعدل الشهري للتوظيف في الربع الثاني من العام عند 244 ألف وظيفة، ويقل ذلك المعدل عن متوسط عدد الوظائف المضافة شهرياً في الربع الأول من هذا العام عند 312 ألف وظيفة

وفي التفاصيل، يلاحظ أن القطاع الخاص أضاف 149 ألف وظيفة، بينما أضاف القطاع الحكومي 60 ألف وظيفة، وهو رقم كبير نسبياً

لكن سوق العمل، التي ربما ما زالت في وضع دقيق، يتجه نحو الاستقرار مع تراجع التوظيف الشهري في القطاع الخاص على مدى العام الأخير، إذ وصل نموه إلى نسبة 1.8 في المئة بمعدل سنوي. وإن كان يظل أعلى من متوسط نمو توفير الوظائف في العامين السابقين على أزمة وباء كورونا حين كان عند نسبة 1.5 في المئة

ويتوقع التقرير مزيداً من التباطؤ في معدلات التوظيف في الاقتصاد الأميركي، بخاصة في القطاع الحكومي مع استمرار القطاع الخاص في هبوط أرقام التوظيف الشهرية، وهذا من العوامل الرئيسة التي ترجح رفع سعر الفائدة هذا الشهر من قبل “الاحتياطي الفيدرالي”

المصدر: اندبندنت عربية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى